شجرة الحياة

تتّسم الطبيعة الصحراوية بدرجات الحرارة المرتفعة، والمناخ الجاف، وأشعة الشمس الحادة. وعلى خلاف معظم أنواع النباتات التي لا تلائمها هذه الظروف البيئية الصعبة، فإنّ الصحراء هي موطن شجرة النخيل، التي تشمخ فوق الرمال الذهبية محمّلة بأنواع التمور المتعددة.

خيرات وكنوز متنامية

تحمل نخلة التمر الاسم العلمي «فينكس داكتيليفيرا» وتزدهر في الظروف الصحراوية لتُثمر بأشهى أنواع التمور السكّرية العزيزة على قلوب أهل الشرق الأوسط. تحتضن العلا في أرضها أكثر من مليونَي نخلة، وتُنتج هذه الأشجار 90,000 طناً من التمور المتنوّعة مع نهاية كل صيف. ترتفع قمة النخلة متراً واحداً عن سطح الأرض مع مرور كل عام، وتبدأ بإنتاج الثمار بعد خمس سنوات من زراعتها. وبعد اكتمال نموها، يبلغ طولها 20 متراً وتعيش أكثر من 150 سنة.

التمور منذ آلاف السنين

يتم الاعتماد على التمور منذ آلاف السنين بفضل قيمتها الغذائية الفريدة، وما زالت تزيّن موائد الوطن العربي بألوانها البنية الداكنة، ومذاقها الحلو اللذيذ. خدمت هذه الثمار صحة الإنسان على مرّ السنين بفوائدها العلاجية المتنوّعة، فساعدته ألبابها على التعافي من التهاب الحلق والتخلّص من المشاكل المِعَدية، وصُنع المعجون من بذورها للتخفيف من مشاكل البشرة، بينما استُخدمت مستخرجات جذور النخيل لتسكين ألم الأسنان. أمّا لحاء الأشجار وجذوعها، فقد استعانت أجيال التاريخ بها لبناء المآوي، وصناعة الأسوار، والحبال، والمفروشات، والسلال، وحتى المجوهرات. وتشهد النقوش والكتابات الصخرية في جبل عِكمة على أهمية ثمرة التمر وشجرة النخيل في الثقافات والديانات التاريخية.


تحمل الشجرة الواحدة حوالي 150 كيلوغرام من ثمار التمر كل سنة.

صمود في وجه الصعوبات

تُظهر سجلات المستحاثات أنّ نخلة التمر موجودة منذ أكثر من 50 مليون عاماً ويتعجّب القائمون بهذه الدراسات من قدرتها على تحمّل الظروف المناخية والبيئية الشديدة للصحراء. يكمن التفسير في باطن الأرض، حيث تتمتع أشجار النخيل بنظام جذري واسع أشبه بشبكة تنتشر أفقياً تحت الأرض، ويمكّنها ذلك من امتصاص مياه الأمطار بسرعة قبل التبخّر. ثم تخزّن الشجرة هذه المياه النفيسة في الألياف الكثيفة لجذوعها السميكة، ما يُغنيها عن هطول الأمطار لأشهر عديدة.

سعف النخيل في السماء

يسمح شكل الأوراق الخضراء بتدفق الهواء خلال الجزء العلوي من نخلة التمر، وتنحني إلى الداخل في النهار تكيّفاً مع أشعة الشمس الحادة، وتساعد الخصائص الشمعية لأسطحها في الحفاظ على قطرات المياه دون تبخّرها. لا تتأثر هذه الشجرة بالعواصف الشديدة، وذلك بفضل أوراقها التي تسمح بتخلُّل الرياح، ومرونة جذعها القابل للانحناء، وجذرها الشبكي الذي يعمل كأساس راسخ لشموخها في السماء.

تتعانق سعف النخيل في السماء لتوفّر الظلال الضرورية التي تترعرع بفضلها باقي الأشجار، وتزدهر تحتها النباتات الرقيقة في التربة الخصبة. تساعد أشجار نخيل التمر في العلا على ازدهار ما يزيد عن مائتي ألف من أشجار الحمضيات، المحمّلة بأشهى الثمار. بجمالها الساحر، وقوّتها المنيعة، ودورها الجوهري في استدامة الحياة، لا عجب أنّ شجرة النخيل من أهمّ رموز الثقافة في الشرق الأوسط.

مهرجان العلا للاستجمام والاسترخاء

موعدنا في 2024

تخلق التضاريس الطبيعية الساحرة والأجواء الهادئة في العلا فرصة مثالية لتجديد النشاط والعناية بسكون العقل، وصفاء الروح، وصحة الجسد. وتتحول العلا خلال هذا المهرجان السنوي إلى وجهة مخصصة للاستجمام والاسترخاء مع مجموعة متنوعة من نشاطات العافية، والتجارب الاستشفائية المتكاملة.

اكتشف المزيد

المقالات

تعرّف على حكايات المعالم الشهيرة في العلا، وتفاصيل التجارب المشوّقة، وغيرها الكثير عن مُختلف المواضيع المتعلّقة بهذه الوجهة الاستثنائية مع مجموعة مُختارة من مقالات السفر والعطلات التي أعدّها المختصّون في هذا المجال.

اقرأ جميع المقالات