العلا: وجهتك للسياحة الفلكية

تأمّل سحر سماء العلا

اقرأ المزيد

في العلا، الليل ليس وقتاً يُقاس بالساعات... بل كتاباً مفتوحاً، تروي صفحاته حكايات النجوم منذ فجر التاريخ

مع غروب آخر خيوط الشمس فوق رمال العلا، يكشف الليل عن مسرح كوني أخّاذ تتلألأ فيه النجوم بصفاء نادر. في هذا المكان، تتوهّج السماء فوق التشكيلات الصخرية العجيبة، وتروي قصصاً عمرها آلاف السنين، حكايات تناقلتها الأجيال تحت هذا السقف السماوي الأزلي.

حصلت العلا عام 2024 على اعتماد دولي كوجهة للسماء المظلمة من منظمة «DarkSky International»، لتصبح الأولى من نوعها في الشرق الأوسط، في اعتراف عالمي بصفاء سمائها ونقاء أجوائها. تُصنَّف سماء محمية الغراميل ومنارة العلا ضمن أفضل ‎5%‎ من مواقع الرصد في العالم، حيث يمكن للزوّار الاستمتاع بمشاهدة مجرّة درب التبانة والكواكب وملايين النجوم تحت قبة سماوية تخطف الأنظار على مدار العام.

وعلى عكس الظواهر الفلكية النادرة، مثل الشفق القطبي أو زخات الشهب الموسمية، تُرافقك سماء العلا كل ليلة بسحرها وصفائها. نُرحّب بالزوّار ليكتشفوا علوم الفلك على خُطى العلماء العرب القدامى، ويتعلّموا كيف اهتدت القوافل القديمة بالنجوم والكواكب، ويستمعوا إلى أساطير ارتبطت بالمجرّة والسماء، في أجواء تجمع بين العلم، والثقافة المحلية، ورواية القصص.

سماء العلا... مرآة الحكايات
في قلب صحراء الغراميل، ترسم التشكيلات الصخرية لوحة طبيعية تحتضن سماء لا متناهية. وبإرشاد الخبراء ومساعدة التلسكوبات الحديثة، ينكشف أمامك كوكب زحل، وقوس درب التبانة، والسدم البعيدة. وبين لحظات التأمل وهدوء الليل، يكتمل المشهد بعشاء فاخر حول النار، لتصبح كل لحظة جزءاً من تجربة تُقرّبك من الطبيعة وتُشعرك بعظمة المكان.

ولا يقتصر سحر الليل على النجوم وحدها، فالقمر يُضفي بريقه أيضاً على آثار «الحِجر»، أول موقع سعودي مُدرج على قائمة اليونسكو للتراث العالمي، ليُحوّل المقابر النبطية المنحوتة في الصخور الحمراء إلى لوحات مضيئة تحت قبة سماوية مرصّعة بالنجوم في مشهد لا يُنسى.

تستعد «منارة العلا» لاستقبال زوّارها قريباً، كمركز عالمي لاكتشاف أسرار الفضاء، بتصميم يتناغم مع طبيعة وتضاريس المنطقة. يقدّم المركز معارض فلكية تفاعلية، وتجارب تحاكي استكشاف الكواكب والعربات المتجوّلة على سطح المريخ، وجلسات رصد النجوم باستخدام أجهزة التلسكوب المتطوّرة ليمنح الزوّار من جميع الأعمار تجارب تُرضي فضولهم وشغفهم.

«مهرجان سماء العلا»
تتألق سماء العلا في كل عام احتفالاً بسحرها الخاص مع سلسلة من المغامرات والتجارب المشوّقة في «مهرجان سماء العلا». رحلات المناطيد فوق الوديان الصخرية الشاهقة، مسارات المشي تحت ضوء القمر، قِبب الرصد الفلكية تحت سماء الصحراء، ورش العمل بإشراف خبراء الفلك، جلسات مراقبة الشهب المتساقطة في سواد الليل... وغيرها الكثير في رحلة سنوية تجمع شغف الاستكشاف، وروح المغامرة بعظمة الكون.

لحظات تلامس الحواس
السياحة الفلكية في العلا ليست مجرد مشاهد مبهرة تُرى للحظات، بل تجربة حيّة ترافقك من غروب الشمس حتى بزوغ الفجر. مع إشراقة الصباح، استكشف البلدة القديمة وتجوّل بين أزقّتها التاريخية العريقة، وفي المساء تأمّل السماء واستمتع بجلستك في هدوء أحد المنتجعات الصحراوية الفاخرة. هنا، يلتقي الليل بالنهار في تناغم فريد يجعل السماء جزءاً من يومك، ورفيقاً دائماً في كل رحلة اكتشاف.

سماء مثالية على مدار العام

مناخ العلا يجعل من مراقبة النجوم متعة متاحة في كل الفصول. ليالي الصيف الدافئة والجافة مثالية للرصد في الهواء الطلق، بينما تتميّز ليالي الشتاء الطويلة بالوضوح الفريد الذي يُتيح لما رؤية المجرّات والكواكب بأدق تفاصيلها. الحفاظ على هذه السماء النقية هو التزام أساسي في رؤية العلا للسياحة المستدامة، ليتمكّن الزوّار، جيلاً بعد جيل، من الاستمتاع بالمشهد ذاته دون أن يمسّه التغيير.

حين يلتقي الفجر بالليل
ومع أول خيوط الفجر التي تلوّن الصخور بلون الذهب، قد يراودك شوقٌ لعودة الليل من جديد. ففي العلا، السماء ليست مجرد مشهد، بل صديق حيّ، وراوٍ لحكايات قديمة، وجسر يصل بين الأرض والكون لتتأمل عالماً بلا حدود... تتحوّل فيه السماء إلى دعوة أبدية للتأمل والاكتشاف.

المقالات

تعرّف على حكايات المعالم الشهيرة في العلا، وتفاصيل التجارب المشوّقة، وغيرها الكثير عن مُختلف المواضيع المتعلّقة بهذه الوجهة الاستثنائية مع مجموعة مُختارة من مقالات السفر والعطلات التي أعدّها المختصّون في هذا المجال.

اقرأ جميع المقالات