في صمت صحراء العلا، حيث تنطق الصخور بذكريات الأزمان، وحيث تختزن الأرض حكايات لا تُنسى، وُلد عرض «ذكرى: حين يلتقي الماضي بالحاضر» ليُعبّر عن تجربة فنية عميقة تتجاوز الرقص والحركة.يُعتبر هذا العمل ثمرة التعاون بين مصمّم الرقصات العالمي «أكرم خان» والفنانة السعودية «منال الضويان». وقد أُنتج هذا العرض بمبادرة من وادي الفن في العلا، وظهر لأول مرة كعمل ميداني ضمن فعاليات مهرجان فنون العلا 2025. «ذكرى» هو احتفاء بالجذور، بالمجتمع، وبالإلهام الذي تمنحه العلا لكل من يعبر دروبها. واليوم، وبعد تطويره ليُقدَّم على المسارح العالمية، يحمل هذا العمل معه صدى الأرض التي وُلد فيها... رموزها، ذاكرتها، وروحها الحيّة.

كيف ألهمت العلا عرض «ذكرى»

وادي الفن: مسرح مفتوح على تضاريس الصحراء
في قلب صحراء العلا، وبين التكوينات الصخرية الشاهقة، شكّلت الطبيعة مسرحاً مهيباً لعرض «ذكرى» الأوّل. لم تكن العلا مجرّد موقع للعرض، بل كانت جزءاً لا يتجزأ من العمل نفسه. اندمجت الحركة مع عناصر الطبيعة في هذا العرض الخارجي الاستثنائي وتحوّل إلى لحظة فنيّة استحضرت الذاكرة، وأيقظت الحواس، ولامست مشاعر الحضور.

ملامح العلا في نسيج العمل الفني
اعتمدت الفنانة «منال الضويان» في تصميم الأزياء والسينوغرافيا على الأصباغ الطبيعية وتقنيات الحِرف السعودية التقليدية، بالتعاون مع حرفيّات محليّات من مدرسة الديرة. وعكست الأقمشة المستخدمة معاني متعدّدة، مستوحاة من تاريخ الأنباط في العلا، ومن قصص النساء اللواتي عشنَ في هذا المكان وحافظنَ على ذاكرته.

العرض الافتتاحي
انضم 40 مؤدياً وفناناً وموسيقياً من أهالي العلا إلى فرقة «أكرم خان» في عرض حيّ تمازج فيه الأداء مع طبيعة المكان. وتحت سماء العلا، اجتمع الماضي بالحاضر في لحظة فنية مؤثّرة، تفاعل معها الجمهور بكل حواسّه.

تعرّف على الفنانين

مبدع في تصميم الرقصات وإحياء الحكايات
يجمع «أكرم خان» في أعماله بين الرقص الكلاسيكي الهندي، وفنون السرد المعاصر، بأسلوب يمزج التعبير الجسدي بالعاطفة والخيال. ويقدّم في عرض «ذكرى» فريقاً كاملاً من المؤدّيات، مستنداً إلى حكمة الأجيال السابقة، ومتأثراً بقوّة شخصية والدته. تُجسّد تصاميمه الحركية قصص النساء، في توليفة تنبض بالتقاليد من جهة، وتفتح المجال للابتكار من جهة أخرى.

حضور متفرّد في الفن السعودي المعاصر
تتناول أعمال «منال الضويان» الذاكرة، والهوية، والسرد النسائي في الثقافة العربية. ابتكرت في عرض «ذكرى» عالماً بصرياً يستمدّ جذوره من حِرف العلا التقليدية والمواد الطبيعية، حيث يحمل كل تفصيل رمزاً لتاريخ متراكم وعلاقة مستمرة بين الماضي والحاضر. رؤية فنية تحتفي بالجذور المحلية، وتنبض بروح معاصرة تتجاوز الحدود.