تحت رمال العلا الذهبية، تتدفّق المياه بهدوء عبر طبقات الأرض لتمنح الواحة خصوبتها الدائمة، وتُعيد الحياة إلى بساتينها الغنّاء. هنا، ترتفع أشجار النخيل شامخةً نحو السماء، وتملأ بساتين الحمضيات الأفق بألوانها الزاهية وروائحها العطرة، وتمنح أشجار البان العربي (المورينغا) كنوزها من الخصائص العلاجية القيّمة. لكل محصول من هذه المحاصيل حكايةٌ تُروى... عن الصمود في مناخ الصحراء، وعن الإرث الزراعي العريق الذي جعل من العلا واحةً تنبض بالخصب والعطاء منذ فجر التاريخ.

التمر... إرث الحضارات

تحتضن العلا أكثر من مليوني نخلة تنتج سنوياً ما يزيد على 90,000 طن من أجود أنواع التمور مثل البرني، المبروم، المشروك، الحلوة، العنبرة، والمجهول. ولا تقتصر أهمية هذه الأشجار على ثمارها فحسب، إذ توفّر ظلالها الوارفة بيئةً مثالية لنموّ محاصيل أخرى داخل الواحة. يُعدّ التمر جزءاً أساسياً من ثقافة العلا واقتصادها منذ الألفية الأولى قبل الميلاد، وتوثّق النقوش القديمة في جبل عِكمة مكانته الروحية والرمزية في حياة الإنسان آنذاك.

وخلال موسم التمور في العلا، يمكن للزوّار اكتشاف نكهات هذه الثمرة العريقة وتجربة تقاليد حصادها ضمن أجواءٍ احتفالية تعبق بالتراث. يمتدّ الموسم من 24 أكتوبر إلى 15 نوفمبر 2025، كل جمعة وسبت من الساعة 5 إلى 11 مساءً، في سوق المزارعين بالمنشية. يُمكن للضيوف من جميع الأعمار الاستمتاع بتجارب تذوّق التمور، والعروض الحيّة لتحضير وصفات مبتكرة باستخدام التمر، ومنتجات محلية فريدة تعبّر عن مهارة المزارعين وارتباطهم العميق بالأرض. الدخول مجاني مع مرافق مناسبة للكراسي المتحرّكة وعربات الأطفال، ليستمتع جميع الزوّار بأجواءٍ احتفالية تجمع بين النكهات الشهية، والتراث العريق، وروح المجتمع.

توفّر أشجار النخيل مواد أساسية تُستخدم في بناء المظلّات والحواجز والمساكن، وصناعة الأثاث والسلال والحبال، بالإضافة إلى الحُلي اليدوية التي تعكس جمال التراث المحلي.

مزاد التمور في العلا

ينطلق مزاد التمور في العلا من 5 سبتمبر إلى 1 نوفمبر 2025، ويُقدّم فرصة فريدة لإحياء التراث وتسويق المنتجات وتعريف الزوّار بتقاليد هذا الموسم الزراعي المميّز. يلتقي المزارعون من مختلف أنحاء المنطقة كل جمعة وسبت، من الساعة 5 إلى 8 صباحاً، لعرض أجود محاصيلهم وبيعها مباشرةً.

من الواحة إلى المائدة

من الحلويات الغنية إلى الأطباق المالحة المبتكرة، يحتفي طهاة العلا بهذه الثمرة المميّزة بأساليب إبداعية تُبرز نكهاتها الأصيلة. تتألّق التمور في مطعم «خونتوس» بدار طنطورة في طبق الشكشوكة مع التمر الغني بالنكهات، وفي صلصة البرتقال والجبن مع التمر التي تضيف مذاقاً فريداً. بينما يُقدّم مطعم «تاما» في اور هابيتاس العلا كعكة التمر الفاخرة بمذاقٍ لا يُقاوم، وفي مطعم «سموير» يجتمع المذاق المحلي مع اللمسة العصرية في حلوى المهلبية بالتمر... لتبقى التمور رمزاً أساسياً للمذاق الأصيل في مطابخ العلا.

الحمضيات في أبهى مواسمها

في ظلال أشجار نخيل العلا الشامخة، تزدهر أكثر من 200,000 شجرة حمضيات في أرجاء الواحة الخصبة. تنتج هذه البساتين 29 نوعاً من الفاكهة تتنوّع بين الليمون والبرتقال والجريب فروت، وصولاً إلى فاكهة التورونج النادرة، وهي مزيج هجين من الليمون والبوملي، ويُعتقد أنها أقدم أنواع الحمضيات في العلا. حظِيت هذه الثمار العطرية بتقديرٍ كبير لدى الأنباط الذين استخدموها في صناعة المربّى والعطور، وتُعتبر محصولاً زراعياً أساسياً في حياة أهل العلا إلى يوما هذا بفضل فوائدها الطبية وزيوتها العطرية.

ينطلق موسم الحمضيات في سوق المزارعين بميدان المنشية،من 8 إلى 16 يناير 2026، ويُقدّم للزوّار تجربةً تحتفي بهذا الإرث الزراعي العريق. يُمكن للضيوف تذوّق الأصناف الطازجة في أكشاك التذوّق، وحضور العروض الحيّة لوصفاتٍ مُحضّرة من الحمضيات، والتسوّق من منتجاتٍ محلية فريدة مستوحاة منها. ومع مساحات اللعب المخصّصة للأطفال والأنشطة الزراعية التفاعلية، يُشكّل الموسم احتفالاً منعشاً يناسب جميع الأعمار.

شجرة البيريجرينا «البان العربي»

تُعدّ أشجار المورينجا بيريجرينا بأزهارها البيضاء الرقيقة، والمعروفة أيضاً باسم البان العربي، من الأشجار الأصيلة في العلا، وتشكل ثالث أكبر المحاصيل الزراعية في المنطقة مع وجود نحو 90,000 شجرة في الواحة الغنّاء. تُشتهر هذه الأشجار بالزيوت الفاخرة التي تُستخرج من بذورها وتُستخدم في الطب التقليدي، ومنتجات العناية بالبشرة، وتركيب العطور، وصناعة مستحضرات التجميل منذ عهد مملكة الأنباط، لما تمتاز به من خصائص علاجية.

وخلال موسم البان العربي في سوق المزارعين بميدان المنشية، بتاريخ 19 و 20 ديسمبر 2025، يُمكن للزوّار التعرّف على الاستخدامات المتنوّعة لهذه الشجرة العريقة، واستكشاف الأكشاك التي تقدّم منتجات طبيعية مصنوعة منها، والمشاركة في أنشطة تفاعلية مناسبة لجميع أفراد العائلة تجمع بين التعلّم، والمرح، والتقاليد المحلية الجميلة.

فواكه الصيف... خيرات تحت شمس العلا

تُعدّ مزارع العلا موطناً متنوّعاً للفواكه الصيفية التي تنضج تحت أشعة الشمس الذهبية، حيث تنتج الواحة أنواعاً عديدة من المانجو والعنب والتين. وتستمد هذه الفواكه نكهتها المميّزة من أساليب الزراعة التقليدية والمياه الجوفية الغنية التي تغذّي أرض العلا منذ القدم.

وخلال موسم الفواكه الصيفية في سوق المزارعين بميدان المنشية، يمكن للزوّار التعرّف على هذا الإرث الزراعي الغني من خلال تذوّق الفواكه المقطوفة حديثاً، واستكشاف المنتجات المحلية الموسمية، والاستمتاع بالأنشطة العائلية والعروض الترفيهية التي تحتفي بالمزارعين وتقاليدهم الأصيلة.

العسل... شفاء من رحيق الطبيعة

تتغذّى خلايا النحل في العلا من أزهارها البرّية التي تتفتح في الوديان والجبال، لتنتج عسلاً نادراً يشتهر منذ قرون بنقائه ومذاقه وخصائصه العلاجية. توارث مربّو النحل في العلا أسرار هذه المهنة جيلاً بعد جيل، محافظين على تقنياتٍ تقليدية تمتد جذورها إلى تاريخ الواحة العريق. من أزهار الصحراء إلى نباتات الجبال، يحمل كل نوعٍ من العسل نكهةً تُعبّر عن تنوّع الطبيعة في العلا وروحها الفريدة.

وخلال موسم العسل في سوق المزارعين بميدان المنشية، بتاريخ 6 و 7 فبراير 2026، يحتفي المزارعون والنحّالون المحليون بهذه الحرفة الأصيلة، فيتشاركون مع الزوّار خبراتهم ومنتجاتهم المميّزة. يُمكن للضيوف تذوّق أنواع العسل المتنوّعة، ومشاهدة العروض الحيّة لوصفاتٍ مُحضّرة بالعسل، والتعرّف على الدور الحيوي للعسل في ثقافة أهل العلا ووصفات مطبخهم.

المقالات

تعرّف على حكايات المعالم الشهيرة في العلا، وتفاصيل التجارب المشوّقة، وغيرها الكثير عن مُختلف المواضيع المتعلّقة بهذه الوجهة الاستثنائية مع مجموعة مُختارة من مقالات السفر والعطلات التي أعدّها المختصّون في هذا المجال.

اقرأ جميع المقالات